عقوبة التهديد في السعودية
تتناول هذه المقالة موضوعًا حيويًا يعد جزءاً أساسياً من نظام العدالة في المملكة العربية السعودية، وهو عقوبة التهديد في السعودية، تعتبر العقوبات جزءاً لا يتجزأ من أي نظام قانوني، حيث تهدف إلى تأديب المرتكبين وتحقيق العدالة والأمان للمجتمع. وتأتي عقوبة التهديد ضمن هذا السياق، حيث تعد إحدى الوسائل التي يستخدمها القضاء لمعاقبة الأفراد الذين يقومون بتهديد حقوق الآخرين أو يهددون بارتكاب أعمال غير قانونية. سنقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على مفهوم التهديد في القانون السعودي، وعلى العقوبات المترتبة على مرتكبي هذا الفعل، بالإضافة إلى استعراض بعض الحالات القانونية والنظرية المتعلقة بهذا الموضوع في السعودية.
تعريف التهديد في القانون السعودي
تُعرف جريمة التهديد في نظام العقوبات السعودي على أنها “إرهاب شخص بأمر غير مشروع، أو كان الهدف منه إلحاق ضرر مادي أو معنوي بالمجني عليه أو بشخص آخر”. وتُعد هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالأمن، حيث تسبب الخوف والقلق لدى الضحية، وتهدد سلامته النفسية والجسدية.
يتناول نظام العقوبات السعودي جريمة التهديد في المادة (111) التي تنص على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدد شخصاً بارتكاب جريمة ضد نفسه أو ماله أو نفس أو مال غيره، أو بالفضيحة، إذا كان التهديد مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر غير مشروع أو كان الهدف منه إلحاق ضرر مادي أو معنوي بالمجني عليه أو بغيره”.
ويتضح من هذه المادة أن جريمة التهديد تقوم على عدة عناصر، وهي:
- وجود تهديد موجه إلى شخص آخر، سواء كان بارتكاب جريمة ضد نفسه أو ماله أو نفس أو مال غيره، أو بالفضيحة.
- أن يكون التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر غير مشروع، كطلب مبلغ من المال مثلاً.
- أن يكون الهدف من التهديد إلحاق ضرر مادي أو معنوي بالمجني عليه أو بشخص آخر.
ويُلاحظ أن المشرع السعودي فرق بين جريمة التهديد وجريمة الإرهاب، حيث يعاقب على جريمة التهديد بالسجن لمدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حين أن جريمة الإرهاب تعتبر من أشد الجرائم خطورة وتعرض مرتكبها لعقوبات أشد، كالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت.
وتجدر الإشارة إلى أن نظام العقوبات السعودي يفرق أيضاً بين التهديد والإكراه، حيث يعاقب على جريمة الإكراه بعقوبة أشد من عقوبة التهديد، وذلك لأن الإكراه يتضمن استعمال القوة أو العنف الفعلي، بينما التهديد يقتصر على التخويف واستعمال الكلام فقط.
عقوبة التهديد في السعودية
عقوبة التهديد في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
يتضمن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي عقوبات صارمة لجريمة التهديد، وذلك نظرًا لخطورة هذه الجريمة وتأثيرها السلبي على أمن المجتمع واستقراره. وتتفاوت العقوبات حسب نوع التهديد وجسامته، وفيما يلي تفصيل لهذه العقوبات:
- العقوبات العامة في النظام:
عقوبة التهديد في السعودية ينص النظام في المادة (6) على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب جريمة معلوماتية عمداً”. وتُعد هذه العقوبة هي الحد الأدنى لمعظم الجرائم المعلوماتية، بما فيها جريمة التهديد. - عقوبة التهديد بالقتل أو الإيذاء الجسيم:
تنص المادة (13) من النظام على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدد شخصًا عبر وسيلة تقنية المعلومات بالقتل أو الإيذاء الجسيم”. ويُلاحظ أن هذه العقوبة هي الحد الأقصى للعقوبة العامة المنصوص عليها في المادة (6). - عقوبة التهديد بالاعتداء على النفس أو المال:
تنص المادة (14) على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدد شخصًا عبر وسيلة تقنية المعلومات بالاعتداء على نفسه أو ماله”. وتُعد هذه العقوبة أقل شدة من عقوبة التهديد بالقتل أو الإيذاء الجسيم. - عقوبة التهديد بنشر صور أو معلومات خاصة:
تنص المادة (21) من النظام على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدد شخصًا عبر وسيلة تقنية المعلومات بنشر معلومات أو بيانات أو صور خاصة به أو بغيره”. وتُعادل هذه العقوبة عقوبة التهديد بالاعتداء على النفس أو المال.
يتضح مما سبق أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية يعاقب بشدة على عقوبة التهديد في السعودية، خاصة إذا كان التهديد بالقتل أو الإيذاء الجسيم، حيث تصل العقوبة إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة تصل إلى ثلاثة ملايين ريال. كما يعاقب النظام أيضًا على التهديد بالاعتداء على النفس أو المال أو بنشر صور أو معلومات خاصة بالسجن لمدة لا تزيد على سنة وغرامة تصل إلى خمسمائة ألف ريال.
تعرف على: نظام الرهن العقاري الجديد
عقوبة التهديد في نظام الحماية من الإيذاء
ينص نظام الحماية من الإيذاء السعودي على عقوبات صارمة للإيذاء اللفظي، بما في ذلك جريمة التهديد، وذلك حرصًا على حماية أفراد المجتمع من الأذى النفسي والجسدي الناتج عن مثل هذه الجرائم. وفيما يلي تفصيل عقوبة التهديد في السعودية:
- تعريف الإيذاء اللفظي:
يُعرف الإيذاء اللفظي وفقًا للمادة الأولى من النظام بأنه “كل قول أو فعل يصدر من شخص بقصد الإساءة أو الاستهزاء أو الازدراء أو التحقير بشخص آخر”. ويندرج تحت هذا التعريف جريمة التهديد، حيث تُعد من صور الإيذاء اللفظي التي تستهدف إلحاق الأذى النفسي بالضحية. - عقوبة الإيذاء اللفظي:
تنص المادة الثانية من النظام على أنه “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أساء إلى غيره بالقول أو الفعل”. وبالتالي، فإن عقوبة التهديد تندرج تحت هذه المادة، حيث يُعد التهديد شكلًا من أشكال الإساءة بالقول. - حالات تشديد عقوبة الإيذاء اللفظي:
ينص النظام في المادة الثالثة على تشديد العقوبة في حالات معينة، حيث تصل العقوبة إلى السجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال أو إحدى هاتين العقوبتين، وذلك في الحالات التالية:
- إذا وقع الإيذاء على موظف عام أثناء أو بسبب تأدية وظيفته.
- إذا وقع الإيذاء على شخص لا يستطيع دفع الإيذاء عن نفسه بسبب عجز أو مرض أو حالة جسدية أو نفسية.
- إذا وقع الإيذاء في مكان عام.
- إذا كان الإيذاء متكررًا.
ويُلاحظ أن حالات تشديد العقوبة هذه تنطبق أيضًا على جريمة التهديد، حيث يُعد التهديد شكلًا من أشكال الإيذاء اللفظي. فإذا تم التهديد على موظف عام أثناء تأدية وظيفته مثلًا، فإن عقوبة التهديد تشدد لتصل إلى السجن لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى ثلاثمائة ألف ريال.
يتضح مما سبق أن نظام الحماية من الإيذاء يولي أهمية كبيرة لمكافحة الإيذاء اللفظي، بما في ذلك جريمة التهديد، حيث يفرض عقوبات صارمة تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات والغرامة المالية، خاصة في حالات التشديد المنصوص عليها في النظام.