نصيب البنت من الميراث
يعد موضوع نصيب البنت من الميراث في الإسلام من المواضيع التي أثير حولها الكثير من الجدل، وعند النظر لذلك في التشريع الإسلامي، نجد أن مقدار ما ترثه البنت هو نصف ما يرثه الابن من المال، بشرط ألا يكون هناك وصية واجبة.
نصيب البنت من الميراث
في نصيب البنت من الميراث تم تفضيل الابن على البنت في الميراث لأسباب عدّة أهمها: أن الرجل في الإسلام مكلّف بالإنفاق على أهل بيته من زوجة وأولاد، بينما المرأة لا تتحمل هذا العبء. كما أن الأعراف فرضت على الرجل مسؤوليات أكبر نحو أهل بيته، كالديات والصداق وغيرها. وبالتالي ُرئي أن زيادة نصيبه من الميراث يوازن بين ما عليه من مسؤوليات مادية ومعنوية.
كما يظهر حكمة الشريعة من وراء ذلك، إذ أن نصيب البنت من الميراث مقدّر بما يضمن لها العيش الكريم، خاصة أنها في معظم الأحوال ستنتقل بعد فترة لتعيش مع أسرة الزوج والأبناء، بينما الابن غالبًا ما يظل مسؤولًا عن إعالة زوجته وأبنائه، الأمر الذي يتطلب زيادة حصته من التركة ليتمكن من الوفاء بهذه الالتزامات.
في نصيب البنت من الميراث يبقى القول إن الإسلام يهتم بتوفير العدالة بين الابن والبنت، مع مراعاة خصوصية كل منهما وما عليه من التزامات اجتماعية أو أسرية، وذلك بما لا يضر أي من الطرفين، وهذا يعكس حكمة التشريع الإسلامي واهتمامه البالغ بتحقيق العدل والإنصاف بين أفراد المجتمع.
رأي الفقهاء في نصيب البنت من الميراث
يختلف الفقهاء في المذاهب الأربعة حول نصيب البنت من الميراث أبيها عند وجود الابن.
فعند الحنفية والمالكية والشافعية، ترث البنت النصف من نصيب الابن إن كان واحدًا، أو أكثر. وحجتهم في ذلك ما ورد في قوله تعالى “وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ”.
بينما ذهب الحنابلة إلى أن البنت إن كانت واحدة فترث النصف، وإن كانت اثنتين فأكثر ترثن الثلثين بالسوية بينهن، واستدلوا بأن البنت لا ترث إلا ما زاد على النصف، والنصف قد استوفاه الابن، فما زاد هو الثلثان فقسم بين البنات.
وذهب الظاهرية إلى أن البنت إن كانت واحدة أخذت النصف كأختها من الأم حين عدم الفرع الوارث للميت من ذكر أو أنثى. أما إن كانت اثنتين فصاعدًا فلهن الثلث فقط بالتساوي، لقوله تعالى “فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ”.
وهكذا نجد اختلاف المذاهب حول نصيب البنت من الميراث، تبعًا لاختلاف أدلتهم وتفسيراتهم لنصوص القرآن والسنة، مع محاولة كل مذهب ترجيح ما يراه صوابًا وتحقيقًا للعدل بين الورثة.
تعرف على: من يرث الأخت التي ليس لها أولاد
شروط إرث البنت
تُعدّ البنت من أصحاب الفروض الواجبة في الميراث حسب الشريعة الإسلامية، إذا توفرت فيها الشروط المطلوبة لذلك.
ومن أبرز شروط إرث البنت في الإسلام:
- أن تكون البنت سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، بالغة أم غير بالغة، لقوله صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش”.
- أن يكون الميت أباها الشرعياً، سواء أكان أباها البيولوجي أم المتبناها شرعًا.
- عدم وجود مانع من موانع الإرث، كالقتل أو اختلاف الدين.
وهناك حالات معينة لا ترث فيها البنت أباها، ومنها:
- إذا كانت البنت قد قتلت أباها عمدًا، سقط حقها في إرثه لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ}.
- إذا اختلفت البنت عن أبيها في الدين، كأن تكون مسلمة وهو كافر أو العكس، لحديث: “لا يتوارث أهل ملتين”.
- إذا طلقت البنت ثلاثًا فلا ترث بعد الطلاق البائن.
وهكذا نرى أن الإسلام قد ضمن للبنت نصيبًا من ميراث أبيها تكريمًا لها، ما دامت مستوفية لشروط الإرث، حفاظًا على الأسرة وتماسكها.
نصيب البنت عند عدم وجود ابن ذكر للميت
نصيب البنت من الميراث عندما يكون للميت ابنة وحيدة، ترث البنت النصف من الميراث وفقًا للفرض، والفرض هو الحصة المحددة في القرآن الكريم والتي لا يمكن تجاهلها أو تغييرها. ويوجد حالتين لميراث البنت بالفرض:
الحالة الأولى: إذا كان للميت ابنة واحدة فقط، فإنها ترث النصف، كما جاء في سورة النساء حيث قال الله تعالى: “وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ”. لذا، إذا توفي رجل وكان لديه زوجة وابنة واحدة وأخ، فإن الزوجة تأخذ ثمن التركة، والبنت تأخذ النصف، والباقي يذهب إلى العم كونه الأقرب من الذكور.
الحالة الثانية: إذا كان للميت أكثر من بنت واحدة، فإنهن يأخذن ثلثي التركة. على سبيل المثال، إذا توفي رجل وكان لديه زوجة وثلاث بنات، وكان لديه أخ، فإن الثلثان يقسم بين البنات الثلاث. وينطبق هذا الحكم أيضًا إذا شاركت أختها الشقيقة في التركة، أو أختها من الأب، إذا كان الأب هو المتوفى، وكذلك إذا شاركتها أختها من الأم، إذا كانت الأم هي المتوفاة.
بشكل عام، تظهر هذه القواعد الشرعية الإسلامية كنظام يهدف إلى توزيع الميراث بشكل عادل بين أفراد الأسرة، مع مراعاة الظروف والعلاقات القرابة بينهم. ومن المهم فهم هذه القواعد وتطبيقها بشكل صحيح، مع الحفاظ على مبادئ العدل والمساواة بين الأفراد في المجتمع.
من يستحقّ الميراث من النساء
توجد ست أقسام من النساء اللواتي يستحقن الميراث، وسنذكرهن فيما يأتي:
- القسم الأول: البنت
ترث البنت نصف تركة الأب في حالة عدم وجود الذكور، ويشمل ذلك بنت الابن. يأتي دليل ذلك من قول الله تعالى: “فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ”. - القسم الثاني: الأم
ترث الأم سدس التركة من ابنها المتوفى في بعض الحالات، كما جاء في قوله تعالى: “وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ”. - القسم الثالث: الجدة
ترث الجدة سدس التركة في حال عدم وجود الأم. - القسم الرابع: الأخت
ترث الأخت نصف تركة أخيها إذا كانت وحيدة، وثلثي التركة إذا كانتا اثنتين، وتتشارك الأخوات في التركة مع الأخوة عن طريق التعصيب. - القسم الخامس: الزوجة
تحصل الزوجة على ربع التركة إذا لم يكن للرجل أولاد، والثمن إذا كان لديه أولاد. - القسم السادس: الأخت لأب والأخت لأم
ترث الأخت لأب في حال عدم وجود الأب، أو الابن، أو ابن الابن، أو الجد، أو الأخوة الشقيقة، وترث الأخت لأم في حال عدم وجود الأب، أو الجد، أو الابن، أو ابن الابن، أو البنت، أو بنت الابن.
هذه القواعد الشرعية تحدد من يستحق الميراث من النساء وفقًا للتعاليم الإسلامية، وتهدف إلى توزيع الميراث بشكل عادل بين أفراد الأسرة وفقًا للعلاقات القرابة والحالات المختلفة.
في الختام، يظهر مناقشة نصيب البنت من الميراث أهمية تطبيق العدل والمساواة في المجتمعات، فالإسلام جاء بتوجيهات واضحة بمنح البنت حقها في الميراث بنصيب محدد. يجب علينا أن نعمل على تفعيل هذه القيم الإسلامية لتحقيق العدالة والتوازن بين الجنسين في الميراث. يتطلب ذلك تغيير الثقافات والتقاليد التي تميز بين الجنسين، وتعزيز فهم صحيح لتعاليم الإسلام التي تدعو إلى المساواة والعدالة بين أفراد المجتمع.